خلقته وكرّمته ، وقوّيته ، وأنا ضدّه ، ولا قوّة لي به ، فأعطني من الجند مثل ما أعطيته ، فقال : نعم ، فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي ، قال : قد رضيت ، فأعطاه خمسة وسبعين جندا. الحديث بطوله (١).
فصل
يشبه أن يكون الإنسان إذا غلبت عليه الشيطنة من الحيلة والمكر والتمرّد عن طاعة الله ، وطلب الأنانية والافتخار ، وزالت عنه السكينة والطمأنينة ، وانقطع عن قلبه إلهام الملائكة ، وإفاضة الحقّ عليه بالعلوم الحقّة الإيمانية ، أن تتّحد نفسه بذلك الجوهر النطقي الملكوتي ، الّذي هو بمنزلة ربّ نوع الشياطين ، وهو مظهر اسم المضلّ ، فيكون مآله إلى دار البوار ، ومنزل الأشرار.
كما أنه إذا غلب عليه طلب المعرفة ، وطهر أرض نفسه من خبائث الصفات الرذيلة، والشرور النفسانية ، من طلب الشهوات والمعاصي والسفسطة في العقائد ، والوسواس في العبادات ، والحيلة في المعاملات ، وتنوّر قلبه بالإيمان بالله واليوم الآخر ، والاعتقادات الحقّة ، وكمل في ذلك ، تتّحد نفسه بالعقل الّذي هو ربّ نوع الإنسان ، ومظهر اسم الهادي ، فتكون عاقبته إلى جوار الله ، في مقعد صدق.
ومن هنا قيل : إبليس كلّ إنسان هو نفسه عند متابعة الهوى ، وسلوك طريق الوسواس ، والجحود والعتوّ والاستكبار ، فافهم ، فإنّه من الأسرار الغامضة ، أعاذنا الله من شرّ إبليس وجنوده.
__________________
(١) ـ الكافي : ١ : ٢٠ ، ح ١٤.