الأمر في هذين البابين على الحجج والبينات لما وصفناه من وجود الاجتماع على الضلال والاختلاف والتباين في الهدى والصواب بما بيناه ولا سبيل إلى دفعه إلا بالعناد
فصل
فأما قوله فلم لم يجاهدهم أمير المؤمنين عليهالسلامكما جاهد الناكثين والقاسطين والمارقين فقد ذكر أمير المؤمنين عليهالسلام ذلك فيما تظاهر عنه من الأخبار فكان من (١) الجواب حيث يقول أما ((والله لو لا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر (٢) وما أخذ الله على العلماء (٣) أن لا يقاروا على كظة (٤) ظالم ولا سغب (٥) مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها)) (٦)
فدل على أنه عليهالسلام إنما ترك جهاد الأولين لعدم الأنصار وجاهد الآخرين لوجود الأعوان وكان ذلك هو الصلاح الشامل على معلوم الله تعالى وشرائط حكمته في التدبيرات.
__________________
(١) في ب ، ح ، م : هو.
(٢) في أ ، ح : لولا حضور الناصر ، ولزوم الحجة.
(٣) في أ ، ح : على أولياء الامر.
(٤) الكظة : شئ يعتري الانسان عند الامتلاء من الطعام ، والمراد استئثار الظالم بالحقوق. " الصحاح ـ كظظ ـ ٣ : ١١٧٨ ".
(٥) السغب : الجوع ، والمراد منه هضم حقوق المظلوم. " الصحاح ـ سغب ١ : ١٤٧.
(٦) نهج البلاغة ، الخطبة الشقشقية : ٣١.