في الأرض ولا في السماء وهو الذي يصوّر الناس ـ والخطاب موجه إلى السامعين ـ في أرحام أمهاتهم كيف تشاء حكمته. وهو العزيز القويّ الذي لا تطاوله قوّة والحكيم الذي يفعل ما فيه الحكمة والصواب. ومن أجل ذلك لا يصح أن تكون الألوهية لأحد غيره ولا يصح أن يكون إله إلّا هو. والذين يكفرون بآياته ويجحدونها يذوقون عذابه الشديد. وهو القادر المنتقم ممن يقف منه ومن آياته موقف الكفر والجحود.
والآيات صريحة بأن الله أنزل التوراة والإنجيل. ولقد شرحنا في سياق تفسير الآيات [١٥٧ ـ ١٥٨] من سورة الأعراف معنى الكلمتين ومدى ما تدلّ عليهما وما هو المتداول في أيدي الكتابيين مما يطلق عليه الكلمتان ، وما يعرف بالعهد القديم والعهد الجديد فلا نرى حاجة إلى الإعادة والزيادة. إلّا أن نقول إن في العبارة القرآنية هنا توكيدا لما قررناه من أن القرآن عنى بالتوراة والإنجيل كتابين أوحى الله بهما وأنزلهما وإنهما غير ما في أيدي اليهود والنصارى من أسفار كتبت بأقلام بشرية. وفي ظروف مختلفة وبعد موسى وعيسى وفيهما من التناقض والشوائب ما تتنزّه عنه كتب الله التي أنزلها على أنبيائه.
وجمهور المفسرين على أن المقصد من كلمة الفرقان وصف القرآن بأنه نزل ليكون الفارق بين الحق والباطل والفاصل في ما وقع من اختلاف بين أهل الكتب السماوية السابقة وفيما طرأ عليها من تحريف. وهو وجيه لأن القرآن قد ذكر بلفظ الكتاب في الآية الثانية.
تعليق على الآيات الستّ الأولى
من السورة وخلاصة عن
وفد نصارى نجران
لقد روى الطبري وتابعه آخرون أن هذه الآيات إلى بضع وثمانين آية بعدها نزلت في مناسبة قدوم وفد من نصارى نجران ومناظرتهم مع النبي صلىاللهعليهوسلم في صفات