عن أبي هريرة عن النبيّ : «ليس المسكين الذي يطوف على الناس تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكنه الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدّق عليه ولا يقوم فيسأل الناس» (١). حيث ينطوي في تخصيصه بالذكر في توزيع الغنائم لفتة ربانية جليلة إلى هذا النوع من المحتاجين وحيث يجب على ولي أمر المسلمين أن يلحظ ذلك في سياق مساعدة الطبقات المعوزة من بيت المال التي جعلها القرآن واجبا رسميا من واجبات الدولة الإسلامية.
سابعا : أما (ابْنِ السَّبِيلِ) فهو على ما هو المتبادر المجتاز من أرض إلى أرض وقد نفد ما في يده وأصبح محتاجا إلى مساعدة ولو كان في بلده غنيا على ما يستفاد من معظم الأقوال التي ذكرها المفسرون. وهناك من قال إنه الضيف إطلاقا. وروح الآية تجعل الرجحان للأول على أن القول الثاني لا يبعد وبخاصة إذا كان الضيف غريبا محتاجا كما هو واضح.
ثامنا : والأقوال متفقة على أن (الْيَتامى) الذين جعل لهم نصيب في الغنائم هم فقراء اليتامى الذين ليس لهم مال ، وهو حق وصواب. وننبه على أن اليتامى لم يذكروا في مصارف الزكاة المذكورة في الآية [٦٠] من سورة التوبة. حيث نلمح اللفتة الربانية الكريمة في جعل نصيب لهذه الفئة في مال الغنيمة التي تدخل لبيت المال ، وهي من نوع المساكين الذين قد لا يفطن إليهم ولا يقومون ليسألوا الناس.
تاسعا : يلحظ أن الآية ذكرت (المساكين واليتامى وابن السبيل) في حين أن آية التوبة [٦٠] التي ذكرت مصارف الزكاة ذكرت (الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمين) ولا ندري هل يصح القول إن هذا الفرق أسلوبي وإن ما ذكر في الآيتين يمثل الطبقات المعوزة من المسلمين عامة. وإن كنا نظن أن هذا هو المتبادر والله أعلم. ومع ذلك فإن من واجبنا أن نقول إن روعة حكمة التنزيل ومغزاها الجليل ملموحان إذا ما لوحظ أن كلا من المسكين واليتيم لا يسألون الناس عادة حيث
__________________
(١) التاج ، ج ٢ ص ٣٠.