(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (١٨٥)) [١٨٥].
في الآية تقرير بحتمية الموت على كل نفس وبأن ما في الحياة الدنيا من المتعة هو إلى زوال وهو باطل خداع. وبأن مصير الناس الخالد إنما يتقرر يوم القيامة حيث يوفون أجورهم حسب ما قدموه من عمل في الدنيا وأن الفوز الحقيقي هو لمن يزحزح بعمله عن النار ويدخل الجنة.
تعليق على الآية
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ...) إلخ
ولم نطلع على رواية خاصة بالآية. ويتبادر لنا أنها غير منقطعة عن السياق السابق. فالآية [١٨٠] نددت بالبخل وأنذرت البخلاء بعذاب الله يوم القيامة ، والآية [١٨١] حكت تفاخر اليهود بغناهم فجاءت هذه الآية لتوكيد كون الحياة الدنيا التي يحرص البخلاء عليها فيضنون بما آتاهم الله من فضله ويفاخر اليهود بغناهم فيها إنما هي متعة قصيرة. ولتوكيد كون العمل الصالح فيها من إيمان وبرّ وخير وإنفاق في سبيل الله ومساعدة المحتاجين هو وحده الذي ينجّي الإنسان في الحياة الأخروية التي تتسم بالخلود ويزحزحه عن النار ، فيكون لصاحبه بذلك الفوز العظيم.
وواضح أن الآية تظل قوية الهتاف والتذكير على مدى الدهر بما احتوته من حقيقة وبما انطوى فيها من توكيد. على أننا ننبه هنا كما نبهنا في مناسبات سابقة إلى أنه ليس في هذه الآية أيضا ما يدعو إلى نفض اليد من الدنيا ومتعها وطيباتها والنشاط فيها في مختلف المجالات. وإنما هدفها هو التذكير بحتمية الموت وحثّ الناس والمسلمين بخاصة على الاستمساك بحبل الله وتقواه والقيام بواجباتهم نحوه ونحو الناس والاستكثار من العمل الصالح الذي هو وحده النافع المنجي لهم في الحياة الأخروية.