تعليق على الآية
(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ ...) إلخ
وما بعدها إلى آخر الآية [١٦٨]
ولم يرو المفسرون رواية خاصة في صدد نزول الآيات وإنما أعادوا بعض ما قالوه من وقائع وقعة أحد ومواقف المنافقين مما روينا تفصيله وعلقنا عليه قبل. والمتبادر أنها استمرار للسياق. وقد احتوت شيئا من العتاب وكثيرا من التسكين والتطمين والتهوين وحملة على المنافقين. بالإضافة إلى بعض مشاهد الوقعة وموقف المنافقين فيها.
ومن الإعجاز القرآني أن تكون صورة المنافقين التي رسمتها الآيات كثيرا ما تتكرر وتظهر في ظروف النضال مع البغاة والظالمين وفي الأزمات الحرجة التي تواجهها الأمم والجماعات في سبيل الحق والعقيدة والكرامة. ومن الطبيعي أن يكون ما في الآيات من تشنيع وتقبيح لا حقين بأصحاب مثل هذه الصورة في كل ظرف وأن يكون في الآيات من هذا الاعتبار تلقين جليل مستمر المدى.
وفيما حكته الآيات عن دعوة المنافقين إلى القتال في سبيل الله أو في سبيل الدفاع عن بلدهم وجوابهم وفي جملة (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا) كوصف لهم دليل قرآني على أنهم لم يخرجوا مع الخارجين إلى لقاء قريش عند جبل أحد كما روى المفسرون وكتّاب السيرة ذلك وذكرناه قبل. والمتبادر أن كبير المنافقين لما أشار مع بعض أشياعه على النبي بالبقاء في المدينة وعدم الخروج ثم عمل النبي بما أشار به أكثر المسلمين قال أطاعهم وعصاني وأظهر السخط وقعد مع أشياعه.
ولقد روى ابن سعد رواية (١) جاء فيها أن النبي بعد أن جاوز ثنية الوداع مع
__________________
(١) طبقات ابن سعد ج ٣ ص ٩٠.