شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) هم من المؤمنين المخلصين وقد وجّه الكلام في هذه الآيات إليهم على سبيل التأنيب والعظة ومعالجة الحالة الروحية التي ألمّت بهم نتيجة لآلام الوقعة ووسوسة المنافقين.
ومع خصوصية الآيات الزمنية فهي كسابقاتها مستمرة التلقين لكل مسلم في كل ظرف بوجوب عدم التشبه بالكفار والمنافقين والاندماج في دسائسهم والاستماع إلى وساوسهم المؤدية إلى الانحراف عن الإخلاص لله تعالى والجهاد والتضحية في سبيله. ومن شأنها أن تمدّ المؤمن المخلص بالصبر والرضا والتسليم لحكمة الله والجرأة والإقدام وإيثار ما عند الله على حطام الدنيا ومتاعها.
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)) [١٥٩]
(١) فبما رحمة : الجمهور على أن (ما) هنا زائدة وأن الجملة بمعنى فبرحمة من الله.
تعليق على الآية
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ...) إلخ
وأمر الشورى في الإسلام
الآية متصلة بالسياق ومعقبة على ما جاء في الآيات السابقة كما هو المتبادر. وعبارتها واضحة. وفيها وصف لموقف النبي صلىاللهعليهوسلم مما بدا من بعض المخلصين من أقوال وتذمر ومرارة وحسرة. فقد وسعهم بحلمه الذي جبله الله عليه فكظم غيظه وعاملهم باللين والرقة. وقد احتوت تنويها بهذا الموقف الكريم وإقرارا له وبيانا لما كان يمكن أن ينتج في مثل هذا الظرف الذي ثارت فيه النفوس وغلت الأفكار