ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
ومنها حديث خاطب به النبي صلىاللهعليهوسلم فيه أبا ذرّ في موقف غضب له : «إنّك امرؤ فيك جاهلية» (١).
والراجح أن التعبير في المقام الذي نحن في صدده من هذا الباب. وأنه كان مستعملا قبل الإسلام في مثل هذه المقامات. وأما ما هو مشهور من إطلاقه على زمن ما قبل البعثة هو إطلاق قرآني بقصد وصف عدم ارتكاز تقاليد أهل ذلك الزمن على شرع وهدى ربانيين. إذ لا يعقل أن يكون أهل ذلك الزمن أطلقوه على أنفسهم. والله تعالى أعلم. (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٥٥)) [١٥٥]
(١) استزلّهم : أوقعهم في الزلّة والخطيئة.
في الآية تقرير بأن الذين انهزموا حينما التقى المسلمون والكفار إنما أوقعهم الشيطان في هذه الزلّة بسبب ما اقترفوه من الخطايا. وبشرى بأن الله قد عفا عنهم مع ذلك فإنه غفور للذنوب حليم متسامح مع عباده.
تعليق على الآية
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ (١) الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا
وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٥٥)
يتبادر لنا أن المؤمنين الذين فروا من المعركة قد خافوا مغبة ذلك. ولا سيما
__________________
(١) انظر مادة (جهل) في الجزء الأول من «أساس البلاغة» للزمخشري ، وانظر الجزء الأول من كتاب «بلوغ الأرب» ص ١٥ ـ ١٧.