٢ ـ ومنبهة بأن محمدا ليس إلّا رسول من رسل الله جاء قبله رسل كثيرون وهو معرّض كسائر البشر للموت أو القتل ، وكان ذلك أمر الرسل السابقين له. فلم يكن يصح أن ينقلبوا على أعقابهم ويتخاذلوا وينهزموا إذا حلّ فيه ما هو طبيعي ومعرض له وبأن الله لن يأبه لمن ينقلب على عقبيه في مثل هذه الحالة ولن يضرّ الله هذا شيئا ؛ وبأن الله مجزي الشاكرين الصابرين أحسن الجزاء ؛ وبأن لكل نفس أجلا معينا عند الله لا تموت إلّا به ؛ وبأن من قصر نيته وهمّه على الدنيا نال نصيبه منها وانتهى أمره عند هذا الحدّ. ومن رغب في الآخرة وسعى لها أناله الله ثوابه وهو مجزي الشاكرين الصابرين.
٣ ـ ومذكرة بما كان من أمر الأنبياء قبله ، فكثير منهم قاتلوا وقاتل معهم أتباعهم من عباد الله المخلصين وأصيبوا بالأذى والسوء فصبروا ولم يهتموا ولم يضعفوا لما أصابهم في سبيل الله ولم يتخاذلوا ولم يستكينوا. وكل ما كان منهم أن طلبوا من ربهم غفران ما قد يكون وقع منهم من ذنوب والتجاوز عما قد يكون بدا منهم من تقصير في جانب الله وحقه ، وتثبيت أقدامهم ونصرهم على أعدائهم الكفار ، فكان من الله أن استجاب دعاءهم فآتاهم ثواب الدنيا بالنصر والتأييد وثواب الآخرة بالرضا والغفران. وهكذا قابلهم الله على إحسانهم وهو الذي يحبّ المحسنين.
تعليق على الآية
(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (١٤٣)
والآية : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ...)
وما بعدهما إلى الآية [١٤٨]
المتبادر من فحوى الآيات جملة أنها استمرار للسياق السابق لها. ويمكن أن تكون قد نزلت معه أو نزلت بعده تتمة له. وهي موجهة للمسلمين وتضمنت عتابا لهم وتنبيها وتذكيرا وتمثيلا بالمخلصين السابقين من عباد الله وأتباع رسله الذين