وثرواتهم إذ أن ذلك إلى انتقاص وزوال. وبهذا التوجيه الذي نرجو أن يكون صوابا تبدو صلة الآية بسابقاتها وبالسياق جميعه واضحة. وفي الآية التالية ما يؤيد هذا التوجيه أيضا على ما يتبادر منها.
ومما يحسن التعقيب به أن تلك الحقيقة التي قررتها الآية قد انطوت على حقيقة أخرى وهي أن الرسالة المحمدية قد استجيب لها من مختلف الملل والنحل في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ولقد احتوى القرآن آيات عديدة تقرر أن الذين لم يستجيبوا إليها كانوا متأثرين بأهوائهم ومطامعهم الخاصة سواء منهم الكتابيون والعرب المشركون مما شرحناه وأوردنا شواهده في سياق تفسير سور فاطر والفرقان والشورى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)) [٢٠٠]
(١) صابروا : غالبوا أعداءكم بالصبر.
(٢) رابطوا : أصل الرباط هو إعداد الخيل والاستعداد الدائم للحرب. ومعنى الكلمة هنا هو الأمر بالاستعداد الدائم واليقظة الدائمة والمرابطة للعدو.
وفي هذه الآية أمر للمسلمين بالصبر على دينهم ومغالبة أعدائهم بالصبر والمرابطة مع الاستعداد الدائم له وتقوى الله والتزام حدوده. ففي ذلك ضمان فوزهم وفلاحهم.
تعليق على الآية
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٠٠)
ولم نطلع على رواية خاصة بالآية. والمتبادر أنها متصلة بالآيات السابقة ومعقبة عليها فسبيل الانتصار على الأعداء الكفار هو هذا الذي أمرت به الآية. فإذا فعله المسلمون هان عليهم أعداؤهم وتمّت لهم الغلبة عليهم. فلا محل للاغتمام بما هم عليه من قوة خداعة وإنما الواجب هو التحلّي بالصفات