والأفعال الضامنة للتغلّب على هذه القوة.
والآية مع اتصالها بسابقاتها جملة تامة في تنبيه المسلمين بصورة عامة تنبيها مستمر المدى والتلقين إلى ما يضمن لهم الفوز والفلاح والقوة والاستعلاء من الصبر والثبات وتقوى الله والاستعداد الدائم للعدو. وهو تنبيه رائع وشامل.
وقد جاءت خاتمة قوية للسورة. وطابع الختام المألوف في كثير من السور بارز عليها.
هذا ، ومع أن شرحنا للآية منطبق على شرح جمهور المفسرين لها (١) فإن منهم من روى بعض الأحاديث التي تفيد أنها في صدد الصلاة أيضا حيث روى ابن كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة أقبل عليه يوما فقال له : يا ابن أخي أتدري فيم نزلت هذه الآية؟ قال : لا. قال : أما أنه لم يكن في زمان النبي غزو يرابطون فيه ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد ويصلّون الصلوات في أوقاتها ثم يذكرون الله فعليهم نزلت أن : اصبروا على الصلوات الخمس وصابروا أنفسكم وهواكم ورابطوا في مساجدكم واتقوا الله فيما عليكم لعلكم تفلحون. وأورد ابن كثير عقب هذا حديثا عن أبي أيوب جاء فيه : «وفد علينا رسول الله فقال هل لكم إلى ما يمحو الله به الذنوب ويعظم به الأجر ، قالوا : ما هو يا رسول الله؟ قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة وهو قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٠٠)» (٢) ، وهذان الحديثان لم يردا في كتب الأحاديث الصحيحة. وقد قال ابن كثير عن الحديث الأخير إنه غريب جدا من الطريق المروي عنه. والذي يتبادر لنا أن هذا الحديث لو صحّ فإنه يحتمل أن يكون بمثابة التمثيل والتشبيه ولا سيما أن الآية كانت نازلة قبل صدوره من النبي صلىاللهعليهوسلم. ويلمح في الحديث المروي عن أبي
__________________
(١) انظر تفسير الطبري والطبرسي وابن كثير والخازن والبغوي والزمخشري.
(٢) روى ابن كثير هذا الحديث من طرق عديدة بينها بعض الاختلاف في العبارة مع الاتفاق في الجوهر.