وثانيا : يلحظ أن الآية لا تذكر إلّا الخمس ، أما الأخماس الأربعة الأخرى فالمأثورات المتواترة عن النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه وتابعيهم قد بينت ذلك حيث كانت توزع على الذين يشهدون ويشتركون في الحرب والقتال. ومن ذلك حديث رواه أبو العالية الرباحي جاء فيه : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يؤتى بالغنيمة فيخمسها على خمسة ، أربعة منها لمن يشهدها ثم يأخذ الخمس» (١). وحديث آخر رواه البيهقي بإسناد صحيح جاء فيه : «إن النبي صلىاللهعليهوسلم أجاب رجلا سأله عن الغنيمة ، فقال : لله خمسها ، وأربعة أخماسها للجيش. فقال له السائل : فما أحد أولى به من أحد؟ قال : لا ، ولا السهم تستخرجه من جيبك لست أحق به من أخيك المسلم» (٢) وحديث رواه أبو داود والنسائي عن عمرو بن عبسة قال : «صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بعير من المغنم ولما سلّم أخذ وبرة من جنب البعير ثم قال : ولا يحلّ لي من غنائمكم مثل هذا إلّا الخمس والخمس مردود فيكم» (٣). وحديث رواه الأربعة عن ابن عمر قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قسم في النفل للفرس سهمين وللرجل سهما ، وفي رواية (أسهم لرجل وفرسه ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لفرسه)» (٤).
وهناك رواية يرويها الإمامان أبو عبيد وأبو يوسف في كتابيهما «الأموال والخراج» تفيد أن النبي كان يقسم للفرس سهما وللرجل سهما. ومما رواه المفسرون أن جميع النفل كان يؤتى به إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فيخرج الخمس منه يرضخ لمن لا سهم له ممن يكونون شهدوا المعركة من النساء والعبيد والصبيان ولمن شاءت حكمته أن يرضخ له من ذوي البلاء المتميز ثم يقسم الباقي سهاما على المجاهدين حسب النسبة المذكورة التي اختلفت رواياتها بين ثلاثة أسهم للفارس وفرسه وسهم للراجل وبين سهمين للفارس وفرسه وسهم للراجل. والأحاديث
__________________
(١) أورد الحديثين ابن كثير.
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) التاج ، ج ٤ ص ٣٣٧.
(٤) المصدر نفسه.