من المصير المشترك إضافة إليه كمن سبقهم أيضا. وأسلوبها قوي ، ومع واجب الإيمان بما احتوته من مشهد أخروي فإنه قد يتبادر أن من حكمة ذكر ذلك إثارة الاغتباط في قلوب المؤمنين بالإضافة إلى ما تمّ لهم من النصر ، وإثارة الفزع في من بقي من زعماء الكفار وعامتهم وقد انطوت الآية [٥٣] على تعليل بليغ لما حلّ في الكفار من نكال وعلى تقرير استحقاقهم له بسبب كفرهم ومواقفهم المناوئة.
تلقين جملة
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ...)
هذه الجملة جاءت في الآية [٥٣] المذكورة آنفا ، ومع أنها متصلة المدى بالموقف الذي انتهت إليه معركة بدر مما جعلنا نقول إنها انطوت على التعليل البليغ الذي نبهنا عليه آنفا فإن أسلوبها المطلق التقريري يسوغ القول إنها انطوت على تلقين مستمر المدى وحكمة اجتماعية خالدة في تقريرها إناطة فقد الناس لما يكونون مستمتعين به من حالة حسنة ونعمة ربانية بتصرفاتهم المنحرفة الباغية المؤدية إلى ذلك. وهذه الحكمة جاءت مطلقة في آية سورة الرعد [٣٨] لتشمل تغير حالة الناس من سوء إلى حسن ومن حسن إلى سوء وتجعله منوطا بتصرفاتهم. وما قلناه في سياق هذه الآية من دلالتها على كون الله تعالى قد أودع في الناس القابلية لذلك وحملهم مسؤولية ما قد يكونون فيه أو يصيرون إليه من حالات حسنة وسيئة يصح أن يورد هنا بطبيعة الحال.
ولقد روى الطبري والبغوي عن السدي أن المقصودين بالآية قريش وبالنعمة رسالة النبي صلىاللهعليهوسلم فلما كذبوها نقلها عنهم إلى الأنصار ... ولا يخلو التأويل من وجاهة بالنسبة للظرف الذي نزلت فيه الآية غير أن إطلاق العبارة يجعلها عامة مستمرة المدى والتلقين على النحو الذي شرحناه.
وإذا صح أن يكون المعنيون بها قريشا فيكون من باب تسجيل الواقع عند نزولها لأن قريشا لم تحرم من هذه النعمة بالمرة وإنما كان ذلك لأمد محدود