بل لأنّ العلم الاجمالي هنا بانتقاض أحد الضدّين يوجب خروجهما عن مدلول «لا تنقض» لأنّ قوله : «لا تنقض اليقين بالشك ، ولكن تنقضه بيقين مثله» يدلّ على حرمة النقض بالشك ،
______________________________________________________
يكون المتعارضان بمنزلة الغريقين حيث يوجد في انقاذ كل منهما مصلحة ، لكن لمّا لم يتمكن المكلّف من انقاذهما معا وجب انقاذ أحدهما تخييرا ، بينما الأصل بناء على الطريقية المحضة هو : التوقف ، بمعنى : ان أحدهما فقط دليل في مؤدّاه دون الآخر ، وحيث انّه لا سبيل لمعرفته ، ولا يتمكن منهما معا يتخيّر في العمل بأحدهما.
إذن : فالحق في الاستصحابين المتعارضين ـ إذا لم يكن مرجّح لأحدهما ، أو كان ولم نرجح به ـ بناء على اعتبار الاستصحاب من باب التعبد بالاخبار هو : التساقط ، لكن ليس لأن دليل الحجية لا يشملهما كما استدل به بعض المعاصرين (بل لأنّ العلم الاجمالي هنا بانتقاض أحد الضدّين) في الاستصحابين المتعارضين ، كما إذا كان هناك إناءان طاهران تنجّس أحدهما ، فإنّ الطهارة المستصحبة فيهما قد انتقضت إحداهما قطعا ، لكن اجمالا ، وهذا العلم الاجمالي (يوجب خروجهما عن مدلول «لا تنقض») اليقين بالشك» وذلك للزوم التناقض في أطراف نفس دليل «لا تنقض اليقين بالشك».
وإنّما يوجب ذلك خروج المتعارضين عن مدلول الدليل (لأنّ قوله) عليهالسلام : («لا تنقض اليقين بالشك ، ولكن تنقضه بيقين مثله» (١) يدلّ على) أمرين :
أولا : (حرمة النقض بالشك) فلا يجوز نقض اليقين السابق بسبب الشك
__________________
(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ٨ ب ١ ح ١١ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٢٤٥ ب ١ ح ٦٣١.