ولا بد أن نقف عند قوله تعالى (بِالْحَقِّ) .. فهو القول الفصل بان الحق هو ما جاء به الكتاب ، وان هذا الحق قد أنزل ليكون هو الحكم العدل والقول الفصل ، لا حق غيره ، ولا حكم معه ، ولا قول بعده ،
وهو كتاب واحد في حقيقته ، جاء به الرسل جميعا ، فهو كتاب واحد في أصله وهي ملة واحدة في عمومها ، وهو تصور واحد في قاعدته ، اله واحد ، ورب واحد ، ومعبود واحد.
وهذا الذي يقرره القرآن في أمر الكتاب هو النظرية الاسلامية الصحيحة في خط سير الاديان والعقائد من كل نبي جاء بهذا الدين الواحد في أصله ، يقوم على القاعدة الاصيلة ، قاعدة التوحيد المطلق ، ثم يقع الانحراف عقب كل رسالة تبعا للاهواء والاغراض والغايات الخاصة .. وتتراكم الخرافات والاساطير ، حتى يبعد الناس نهائيا عن ذلك الاصل الكبير والحق المبين.
وبعد ذلك تجيء رسالة جديدة بالنسبة لما هو موجود من الانحراف والاضاليل والاباطيل ، فتجدد العقيدة الاصلية وتنفي ما علق بها من الانحرافات.
وهذا الثبات في أصل التصور الايماني ، وهو الذي يتفق مع وظيفة الكتاب الذي أنزله الله بالحق الحكيم بين فيما اختلفوا فيه ، في كل زمان ومع كل رسول منذ وجد الانسان حتى فنائه.
واقامة ذلك الميزان الالهي الثابت تقتضي علما غير محدود ، علم ما كان وما هو كائن وما سيكون علمه كله لا مقيدا بقيود الزمان التي تفصل الوجود الواحد الى ماضي وحاضر ومستقبل. وهذا العلم الكلي الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ، قد انحصر بعد النبي ص وآله في مدينة النبي ص وآله التي جعل عليا (ع) بوابها ، فقال ص وآله