(انا مدينة العلم وعلي بابها. وهل تدخل المدينة الا من الباب).
وقال (ع) علمني رسول الله ص وآله الف باب من العلم فانفتح لي من كل باب الف باب).
ولذا قال عمر بن الخطاب : (لو لا علي لهلك عمر. لا أبقاني الله بعدك يا ابا الحسن).
أما العقل البشري فبحسبه أن يواجه الاحوال المتطورة ، والظروف المتغيرة ، والحاجات المتجددة على أن يكون هناك الميزان الثابت ، وبهذا وحده تستقيم الحياة ويطمئن الناس الى الذي يسوسهم في النهاية الى الله عزوجل واحراز رضاه وسعادة الدارين معه.
ان الكتاب لم ينزل بالحق ليمحو فوارق الاستعدادات والمواهب والوسائل ، انما جاء ليحتكم الناس اليه ، واليه وحده حين يختلفون.
ومن شأن هذه الحقيقة أن تنشأ حقيقة اخرى تقوم على اساسها نظرة الاسلام التاريخية. ان الاسلام يضع (الكتاب) الذي أنزله الله (بِالْحَقِّ) ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. فاما اتفقت البشرية مع هذه القاعدة فهو الحق ، واما خرجت عنها وقامت على قواعد اخرى فهو الباطل ، ولو ارتضاه الناس جميعا في فترة من فترات التاريخ ، فليس الذي يقرره الناس هو الحق ، ولا تجعله أصلا من أصول الدين ، والواقع الحق لا تبطله قلة الاتباع.
وهذه الحقيقة ذات أهمية كبرى في عزل أصول الدين عما يدخله عليها الناس ، وفي التاريخ الاسلامي مثلا وقع انحراف وظل ينمو وينمو ، فلا يقال : ان هذا الانحراف متى وقع وقامت عليه حياة الناس فهو اذن الصورة الواقعية للاسلام. كلا ، ان الاسلام يظل بريئا من كل هذا الواقع التاريخي المنحرف عن الحق والعدل ، ولا بد أن يظل ما وقع خطأ وانحرافا مهما طال أمده وكثر اتباعه. (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ