تعرج الى أعالي الكمال الانساني ، وبه يستضيء الضمير الروحاني في ساحة القتال.
وان هذا الايحاء الذي يحمله ذلك النص القرآني ، لا يقف عند حد القتال ، بل ينطلق في حياة المؤمن الى الاستسلام لعلام الغيوب ويترك الاختيار الى من بيده أزمة الامور.
ان الانسان لا يعلم شيئا مما ينفعه أو يضره ، والله وحده يعلم ذلك ، فماذا على الانسان الا أن يستسلم لخالقه فيما يختاره له ، هذا هو المنهج التربوي الذي يأخذ القرآن به النفس البشرية ، لتؤمن وتسلم وتستسلم في أمر الغيب المخبوء بعد أن تعمل ما امرها به خالقها بدون تفريط.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨))
البيان قد ورد في هذه القضية ، انها نزلت في سرية عبد الله بن جحش ابن عمة رسول الله ص وآله ، وكان رسول الله ص وآله قد أرسله مع ثمانية من المهاجرين ليس فيهم أحد من الانصار ـ وكتاب مغلق وأمره الا يفتحه حتى يمضي ليلتين ، فلما فتحه وجد فيه : (اذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل بطن نخلة ـ بين مكة والطائف ـ ترصد بها قريشا وتعلم لنا من اخبارهم ، ولا تكرهن احدا على المسير معك من أصحابك ـ وكان هذا قبل غزوة بدر الكبرى. فلما نظر عبد الله في الكتاب قال : سمعا وطاعة.