اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣))
البيان : وهذه لفتة اخرى الى تلك العلاقة التي ترفعها الى الله عزوجل ، وتسمو باهدافها عن لذة الجسد حتى في أشد أجزائها علاقة الجسد في المباشرة.
ان المباشرة في تلك العلاقة وسيلة لا غاية ، وسيلة لتحقيق هدف أعمق في طبيعة الحياة ، انها هدف النسل وامتداد الحياة ووصلها كلها بعد ذلك بخالقها العظيم ، والمباشرة في المحيض قد تحقق اللذة الحيوانية ـ مع ما ينشأ من أذى ومن أضرار صحية مؤكدة للرجل وللمرأة سواء ـ ولكنها لا تحقق الهدف الاسمى فضلا عن انصراف الفطرة السليمة النظيفة بطبعها ـ وفق هذا القانون ـ عن المباشرة في حالة ليس من الممكن أن يصح فيها غرس جيد. ولا ان تنبت منها حياة سعيدة نظيفة. والمباشرة حال الطهر تحقق اللذة الطبيعية ، وتحقق معها الغاية الفطرية ، ومن ثم جاء ذلك النهي المشدد (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)
وليست المسألة بعد ذلك فوضى ولا تبع للاهواء والانحرافات ، انما هي مقيدة بآمر الله عزوجل فهي وظيفة ناشئة عن أمر الخالق العظيم والحكيم الخبير بما يصلح عبيده وما ينفعهم مما يضرهم. (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) في هذا التبيان يصور لونا من الوان العلاقة الزوجية.
وفي هذا التعبير الدقيق بما فيه من اشارات الى طبيعة تلك العلاقة في هذا الجانب والى أهدافها واتجاهاتها ، وبمناسبة السياق هنا فيتسق معها التعبير بالحرث (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) يعني في اي زمان شئتم. واتجهوا الى الله فيه بالعبادة والتقوى ، واستيقنوا من لقاء الله الذي يجزيكم بما قدمتم