وقد يكون الطلب من فساد الرجل وسوء اخلاقه وقبح معاملته لزوجته. وهنا فلا يكون من العدل ان لا نجعل للزوجة سبيلا اخلاصها من هذا الزوج الفاسد ، فيكون تحريمها عليه بعد الطلقة الثلاثة نعمة ورحمة لهذه المرأة الصالحة من ذلك الرجل السيء ، وخلاصها من نير ظلمه وجوره وفساد اخلاقه واعماله وهذا كامل العدل (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
فمن عدل الاسلام ورأفة خالق العباد انه يبين لكل مخلوق حدوده وصلاحياته في الحياة مع نفسه ومع غيره سواء كانوا أقارب أو أباعد. فالذين يعلمون حق العلم هم الذين يعلمونها ويفهمون حكمتها وعدالتها. لكل من الرجل المرأة ، الزوج والزوجة ، قصاصا للمجرم الظالم سواء كان رجلا او امرأة ، وأخذا لحق المظلوم سواء كان رجلا أو امرأة على حد سواء).
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١))
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢))
البيان : ان المعروف والجميل والحسنى يجب أن تسود جو هذه الحياة ، سواء اتصلت حبائلها أو انفصمت عراها ، ولا يجوز أن تكون عرضة الايذاء والاعنات ، ولا يتحقق المستوى الرفيع من السماحة في حالتي الاتصال والانفصال الا في عنصر أعلى من الملابسات الارضية ، في عنصر يرفع الفطرة الانسانية عن الاحن والضغن ويوسع من آفاق الحياة ويمدها الى ماوراء هذا الحاضر الصغير.