الربانية وهي تقول بكل اعتزاز وثبات وتصميم ويقين (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ).
فهذه هي القاعدة في حس الذين يوقنون انهم ملاقوا الله ، ويرون بالموت حياة وسعادة وفخر واعتزاز يستحيل حصوله الا في الصمود والثبات في جهاد أعداء الحق والانسانية أعداء الله تعالى. ولا بد أن تكون الفئة المؤمنة قليلة لانها هي ترتقي الدرج الشاق حتى تنتهي الى مرتبة الاصطفاء والاختيار ، ولا بد أن تكون هي الغالبة ، لانها تتصل بمصدر القوة التي لا تغلب ولا تقهر ولانها تمثل القوة ، قوة الله العزيز القهار ، القوي الجبار القاهر فوق عباده ، محطم الجبارين ، ومخزي الظالمين وقاهر المتكبرين.
وهم يكلون هذا النصر لله (بِإِذْنِ اللهِ) ويعللونه بعلته الحقيقة : (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ). فيؤمنون بهذا كله ويعلمون انهم المختارون من الله لمعرفة الحق ، الفاصلة بين (الْحَقَّ وَالْباطِلَ). واذا بهذه الفئة القليلة التي تقرر مصير المعركة بعد أن تجدد عهدها مع الله ، وتتجه بقلوبها اليه ، وتطلب منه النصر وحده ، وهي تواجه الهول والكفاح وخوض المعركة بدون ارهاب تقول :
(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١))
البيان : انه التعبير الذي يصور لنا مشهد الصبر وفيضا من الله يفرغه عليهم وتتنزل عليهم سكينة وطمأنينة ، فلا تتزحزح اقدامهم ولا تزلزل ولا تميد. (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).
فقد وضح الموقف المشرف ، انه موقف ايمان تجاه كفر ، وحق ازاء باطل ، ودعوة الى الله عزوجل لينصر أولياءه المؤمنين على أعدائه