(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ
قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١١٩) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠))
البيان : انها صورة كاملة السمات ، ناطقة بدخائل أهل الضلال ، تسجل مشاعرهم الباطنة ، وتسجل بذلك كله نموذجا بشريا مكرورا في كل زمان ومكان.
وما من شك أن هذه الصورة التي رسمها القرآن المجيد ، هذا الرسم العجيب ، كانت تنطبق ابتداء على أهل الكتاب من نصارى ويهود ، وترسم صورة قوية للغيظ الذي كانوا يضمرونه للاسلام والمسلمين.
في الوقت الذي كان بعض المسلمين مخدوعا بهم ، فجاء هذا التنوير والتحذير ، يبصر الجماعة المسلمة بحقيقة الامر ، ويوعيها من كيد المجرمين ، ولم يجيء هذا التنوير والتحذير ، ليكون مقصورا على فئة خاصة أو زمان خاص فهو حقيقة دائمة تواجه واقعا دائما ، كما ترى مصداقه في عصرنا الحاضر.
وها هو ذا كتاب الله يعلمنا ـ كما أعلم الجماعة المسلمة الاولى ـ كيف تتقي كيدهم وندفع أذاهم. فيقول عزوجل : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ، إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
اذن فهو الصبر والعزم والصمود على التقوى والتمسك بحبل الله المتين ، وحصنه الحصين ، هو التقوى لله التي تربط القلوب بالله ، فلا