تلتقي مع أحد الا في منهجه ، ولا اعتصام الا بحبله وعروته الوثقى والركوب في سفينة أهل بيت نبيه (ع) الذين من تبعهم وسار على خطهم فاز ونجى ، ومن تركهم وخالفهم غرق في مهاوي الضلال وهوى.
هذا هو طريق الصبر والتقوى ، وما استمسك المسلمون في تاريخهم كله بعروة الله وحدها وحققوا منهج الله في حياتهم كلها ، الا عزوا وانتصروا ، ووقاهم الله كيد أعدائهم ، وكانت كلمتهم العليا.
وما ترك المسلمون ذلك ومالوا الى اليمين واليسار ، الا كتب الله عليهم الخذلان والخسران والتاريخ كله شاهد عيان : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ) الدنيا (أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً).
(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١) إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢))
البيان : هاتان الآيتان نزلتا في وقعة أحد ويمكن لمن يريد الاطلاع على التفاصيل في الجزء (٢ ص ٩٢).
هكذا يبدأ باستعادة المشهد الاول للمعركة واستحضاره ، وقد كان قريبا من نفوس المخاطبين ، الاولين بهذا القرآن ، ومن ذكرتهم ، ولكن ابتداء الحديث على هذا النحو وبهذا النص من شأنه أن يعيد المشهد بكل حرارته ، وبكل حيويته ، وأولها حقيقة حضور الله سبحانه معهم وسمعه وعلمه بكل ما كان ومادار بينهم ، وهي الحقيقة التي تحرص التربية القرآنية على استحضارها وتقريرها وتوكيدها وتعميقها في التصور الاسلامي ، وهي الحقيقة الاساسية الكبيرة ، التي أقام عليها الاسلام منهجه التربوي ، والتي لا يستقيم ضمير على المنهج الاسلامي ، الا أن تستقر فيه هذه الحقيقة بكل قوتها. (وَإِذْ غَدَوْتَ ...) والاشارة هنا الى النبي ص وآله ، وقد لبس لامته ودرعه ، وبعد التشاور في الأمر