وما انتهى اليه من عزم على الخروج من المدينة للقاء المشركين خارجها ، وما أعقب ذلك من تنظيم رسول الله ص وآله ، ومن أمر الرماة باتخاذ موقفهم على الجبل ، وهو مشهد يعرفونه ولكن الحقيقة الجديدة فيه هي هذه : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فيا له من مشهد الله حاضره ، والله شاهده ، ويالها من رهبة ومن روعة تحف به وتخالط كل مادار فيه من تشاور ، والسائر مكشوف فيه لله عزوجل ، وهو يسمع ما تقوله الالسن وتكنه الضمائر.
واللمسة الثانية هي حركة الضعف والفشل التي راودت قلوب طائفتين من المسلمين تفشلا ، حين انفصل عبد الله بن ابي بثلث الجيش مغضبا حيث أن رسول الله ص وآله لم يأخذ برأيه.
والطائفتان هما بنو سلمة ، وبنو حارثة ، فكادتا تنفصلا عن المسلمين لو لا ان أدركتهما ولاية الله وتثبيته ، كما أخبر النص القرآني (وَاللهُ وَلِيُّهُما) راجع بالتفصيل الجزء الثاني ص ٢٩ ، ماذا في التاريخ.
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٧) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩))
البيان : اما النصر فكان فيه رائحة المعجزة ـ كما أسلفنا ـ فقد تم بغير أداة من الادوات المادية المألوفة للنصر ، فبهذا يذكرهم الله سبحانه ويرد النصر الى سببه الاول : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) ..