أما التعقيب على هذا النهي بالأمر بتقوى الله رجاء الفلاح ، واتقاء النار التي أعدت للكافرين اما التعقيب بهاتين اللمستين فمفهوم كذلك ، وهو أنسب تعقيب ، انه لا يأكل الربا انسان يتقي الله ، ويخاف النار التي أعدت للكافرين ، ولا يأكل لربا انسان يؤمن بالله ، ولا يعزل نفسه من صفوف الكافرين.
والايمان ليس كلمة تقال باللسان ، انما هو اتباع للمنهج الذي جعله الله ترجمة عملية واقعية لهذا الايمان ، وتكييف حياة المجتمع وفق مقتضياته.
ومحال أن يجتمع ايمان ونظام ربوي في مكان ، وحيثما قام النظام الربوي فهناك الخروج من هذا الدين جملة ، وهناك النار التي أعدت للكافرين ، والجمع في هذه الآيات بين النهي عن أكل الربا والدعوة الى تقوى الله ، والى اتقاء النار التي أعدت للكافرين ، ليس عبثا ولا مصادفة ، انما هو لتقرير هذه الحقيقة وتعميقها في تصورات المسلمين ، ولذا قال عزوجل (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وكذلك رجاء الفلاح بترك الربا وبتقوى الله ، فالفلاح هو الثمرة الطبيعية للتقوى ، ولتحقيق منهج الله في حياة الناس ، ولقد سبق الحديث في ما مضى ، عن فعل الربا فراجع (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ).
والتعبير هنا يصور أداء هذه الطاعات في صورة حسية .. يصوره سباقا الى هدف يناله العاهل فهي الجنة والمغفرة ، (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) أي اسرعوا الى التوبة والانابة ، والندم علم ما حصل منهم والعزم على عدم العودة اليه ابدا.