ويتداروا به : ان المحرم هو الاضعاف المضاعفة. أما الاربعة في المئة وما يقرب منها ، فليست محرمة.
ونبدأ فنحسم القول بان الاضعاف وصف لواقع ، وليست شرطا يتعلق به الحكم والنص ، الذي في سورة البقرة قاطع في حرمة أصل الربا ، بلا تحديد ولا تقييد (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) أيا كان.
فاذا انتهينا من تقرير المبدأ فرغنا لهذا الوصف لنقول : انه في الحقيقة ليس وصفا تاريخيا ، فقط للعمليات الربوية التي كانت واقعة في الجزيرة ، والتي قصد اليها النهي هنا بالذات ، انما هو وصف ملازم للنظام الربوي المقيت ، أيا كان سعر الفائدة فيه ومقدارها.
ان النظام الربوي معناه اقامة دورة المال كلها على هذه القاعدة ومعنى هذا ان العمليات الربوية ليست عمليات مفردة ولا بسيطة ، فهي عمليات متكررة من ناحية ، ومركبة من ناحية أخرى فهي تنشأ مع الزمن والتكرار والتركيب اضعافا مضاعفة بلا جدال.
ان النظام الربوي يحقق بطبيعته دائما هذا الوصف ، فليس هو مقصورا على العمليات التي كانت متبعة في جزيرة العرب ، وانما هو وصف ملازم للنظام في كل زمان.
ومن شأن هذا النظام ان يفسد الحياة النفسية والخلقية ـ كما فصلنا ذلك أيضا ـ ومن ثم تتبين علاقته بحياة الامة كلها ، وتأثيره في مصائرها جميعا.
والاسلام ـ وهو ينشىء الامة المسلمة ـ كان يريد لها نظافة الحياة النفسية والخلقية ، كما كان يريد لها سلامة الحياة الاقتصادية والسياسية وأثر هذا وذاك في نتائج المعارك التي تخوضها الامة ، معروف ، فالنهي عن أكل الربا في سياق التعقيب على المعركة الحربية أمر يبدو اذن مفهوما في هذا المنهج الشامل البصير.