وعلة شأنه وقوام فطرته بالالهام ، الذي يصل بين القلب البشري ونواميس هذا الوجود.
والسياق القرآني هنا يصور خطوات الحركة النفسية التي ينشئها استقبال مشهد السموات والارض واختلاف الليل والنهار في مشاعر أولي الالباب تصويرا دقيقا ، وهو في الوقت تصوير ايحائي.
وانه يقرن ابتداء بين القلب الى ذكر الله وعبادته (قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) ويجعله جانبا من مشهد الذكر .. فيوحي بهذا الجمع بين الحركتين بحقيقتين هامتين.
الحقيقة الاولى : ان الفكر في الخلق ، والتدبر في كتاب الكون المفتوح وتتبع يد الله المبدعة وهي تحرك هذا الكون ، وتقلب صفحات هذا الكتاب ، هو عبادة لله عزوجل من صميم العبادة.
والحقيقة الثانية : ان آيات الله في الكون ، لا تتجلى على حقيقتها الموحية ، الا للقلوب الذاكرة العابدة ، وان هؤلاء الذين يذكرون الله قياما وقعودا ـ وهم يفكرون في خلق الله ـ هم الذين تتفتح لبصائرهم الحقائق الكبرى المنطوية في خلق الله عزوجل.
فاما الذين يكتفون بظاهر من الحياة ويدمرون أنفسهم بما يصلون اليه من هذه الاسرار ويحولون حياتهم الى جحيم نكد والى قلق خانق ، فهم ينتهون الى غضب الله وعذابه في نهاية المطاف. (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ) ، ولكن ليكون حقا ، الحق قوامه ، والحق قانونه ، والحق أصيل فيه ، ان لهذا الكون حقيقة ، فهو ليس (عدما) كما تقوله الافاكون السفسطائيون ، بل هو يسير وفق ناموس ، فليس متروكا للفوضى ، بل في غايته الحق لا يتلبس الباطل فيه (فَقِنا عَذابَ النَّارِ ..) ، فما العلاقة الوجدانية بين ادراك ما في خلق السموات والارض ، من حق