تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤))
البيان : تلك الفرائض ، وتلك التشريعات ـ التي شرعها لتقسيم التركات ، وفق علمه وحكمته ، ولتنظيم العلاقات العائلية في الاسرة ، والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية ـ (تلك حدود الله) : هي الفيصل في تلك العلاقات وفي التوزيع والتقسيم.
ويستحق من يلتزم بها الجنة خالدا فيها ، ويستحق من يتعداها نارا خالدا فيها. لماذا تترتب كل هذه الانتائج الضخمة على طاعة ، أو معصية ، في تشريع جزئي كتشريع الميراث : ان الآثار تبدو أضخم من الفعل .. لمن لا يعرف حقيقة هذا الامر وأصله العميق.
ان هذا الامر تتولى بيانه نصوص كثيرة في السورة ستجيء ان شاء الله ـ ان الامر في هذا الدين ـ الاسلامي ـ بل في دين الله كله منذ أن أرسل رسله للناس منذ فجر التاريخ ، هو ان الالوهية في هذه الارض لمن له الربوبية على هؤلاء المخلوقات بأجمعهم ، ولمن الالوهية ولمن الربوبية له وهو عزوجل وحده ـ بلا شريك من خلقه ـ فهو الايمان اذن ، وهو الاسلام والاستسلام.
فاما أن تكون الالوهية والربوبية لله وحده ، فهي الدينونة من العباد لله وحده وهي الطاعة من البشر لخالق البشر ، وهي الاتباع لمنهجه وحده ، فهو الذي يختار ويشرع.
واما ان تكون الالوهية او الربوبية لأحد من خلق الله ـ يعني شريك مع الله ـ وهنا الكفر ، اذن فهي الدينونة من العباد لغير خالق العباد ، بل هي للمخلوقين ولغير الله عزوجل. وذلك بالاتباع للمناهج والانظمة والشرائع التي يضعها البشر للبشر مقابل خالق البشر. ومن ثم