الذين يريدون لهم الضلالة بعد الهدى.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ) وهكذا يصرح العداء ويستعلن بين الجماعة المسلمة هذا العداء عند أهل الكتاب من يهود ونصارى فلذا قال : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ).
لقد بلغ من التوائهم وسوء أدبهم مع الله عزوجل : أن يحرفوا الكلام عن المقصود به. ثم بلغ من التوائهم وسوء أدبهم مع رسول الله ص وآله أن يقولوا له : (سَمِعْنا وَعَصَيْنا) فلا نؤمن بدينك ولا نتبعك وان تحقق لنا صدقك ، وما من كيد كاده أحد للاسلام مثل كيد الصليبية العالمية ، والاستعمار بشتى أشكاله ، الا انه كان من وراء اليهود وكيدهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٤٧) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (٤٨))
البيان : لو كان الايمان بالبينة أو بالاسباب الظاهرة لكان أول من آمن بالاسلام وصدق النبي ص وآله هم اليهود والنصارى ، لان لديهم من البينات والاستعداد الموروثة دلائل لا تحصى ولكن انما ينفع هذا كله من يريد المعرفة ليتبعها ويلتزم بها سواء صدقه واتبعه أم لا. وأما من كان تصميمه والتزامه بما يوافق هواه واغراضه الخاصة فلا ينفعه شيء حتى لو شاهد الجنة والنار ولذا يخبر عن مثل هؤلاء المنقادين لاهوائهم وأغراضهم فيقول عزوجل :
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ٦ س ٢٨ ي
فالمسألة مسألة مصالح وأهواء ، فلا ينفع مع أربابها كل دليل وبرهان ولو كان الحياة بعد الموت