وهذا التحدي اللاذع لم يزل قائم يصرخ في أسماع الغافلين والمعاندين والمنحرفين من وقت خروجه الى عالم الوجود الى عصرنا الحاضر القرن العشرين عصر غزو الفضاء والسماء ولم يزل هذا التحدي حجة قائمة ، وبرهانا ساطعا على انه من صنع الخالق العظيم دون سواه.
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤))
والتحدي هنا عجيب. والجزم بعدم امكان الرد عليه من الموجه لهم سلفا أعجب وأغرب ولو كان في طاقة البشر تكذيبه حتى عصرنا لبادروا وما توانوا عنه لحظة.
وما من شك أن تقرير القرآن المجيد أنهم لن يفعلوا ، وتحقق هذا كما قرره هو بذاته معجزة لا سبيل الى المماراة فيها. وقد كان المجال أمامهم وأمام الاجيال اللاحقة بعدهم مفتوحا. فلو أنهم جربوا تجريب على معارضته لبان وظهر. ولكن شيء من ذلك لم يقع. ولن يقع حتى منتهى الابد. لان قائله خالق البشر ومن يعلم من أوجد وما سيوجد. والخطاب للناس جميعا. وقد نفى حصول المعارضة له بلن التي هي لنفي المؤبد. على أن كل من له أدنى دراية وتذوق بأساليب المنطق والبيان مهما كان لا يخالجه شك في أن ما جاء به القرآن المجيد هو صنع خالق البشر وفوق ما يقدر عليه البشر. والمراء في هذا لا ينشأ الا عن جهالة او مكابرة او لغرض دعاه للعناد.
ومن ثم كان هذا التهديد المخيف للمكذبين والمعاندين للحق المبين لاذعا هائلا فلذا استحق قوله عزوجل (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ).
ففي هذا الجمع بين المعرضين عن الايمان بالاسلام وبين الحجارة صورة مخزية مرعبة كأنه يقول لهم عزوجل : ايها الناس المعاندون لاتباع