(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (١٢٧))
البيان : لقد أثارت الآيات اللاتي نزلت في أوائل السورة عن النساء وقد استفاضت اسألتها في بعض شؤونهن ، وظاهرة لسؤال المسلمين واستفتائهم في بعض الاحكام ، ظاهرة لها دلالتها في المجتمع المسلم الناشىء ، وفي رغبة المسلمين في معرفة أحكام دينهم في شؤون حياتهم ، فقد كانت الهزة التي أحدثتها النقلة الكبرى ، من الجاهلية الى الاسلام في نفوسهم هزة عميقة ، بحيث أصبحوا يشكون ويشفقون من كل أمر كانوا يأتونه في جاهليتهم ، مخافة أن يكون للاسلام فيه رأي غير ما هو عليه سابقا.
وهذه اليقظة وهذه الرغبة في مطابقة احوالهم لاحكام الاسلام ، هي العنصر البارز في هذه الفترة ، للاستفسار عن بعض الاحكام بهذه الروح.
لقد كانت بالقوم حاجة الى معرفة احكام دينهم ، لانها هي التي تكون نظام حياتهم الجديدة. وهنا نجد جزاء تطلعهم لله ، وجزاء حرارتهم لمعرفة ما يرضي الله عزوجل ، وصدق عزيمتهم على تطبيق أوامره ونواهيه بدون أدنى تفريط ، لذلك استحقوا عناية الله بهم وحراسته لهم ونصرهم على أعدائهم وجعل الرعب في قلوب أعدائهم بمجرد رؤيتهم وسماع اصواتهم في ساحة الكفاح : (اللهم ارزقنا هيبة المتقين) (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ).
فهم كانوا يستفتون الرسول ص وآله ـ والله سبحانه ـ يتفضل فيقول للشيء ـ (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) ، ومن ثم ينتهي هذا النص