ان قاعدة المعركة لقهر الباطل هي انشاء الحق ، وحين يوجد الحق بكل حقيقته وبكل قوته يتقرر مصير المعركة بينه وبين الباطل ، مهما يكن هذا الباطل من الفخامة الظاهرة الخادعة للعيون.
قال تعالى : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ). وهذه لمسة اخرى من لمسات المنهج للقلوب المؤمنة ، فان هذه القلوب لا بد أن تشمئز من قوم يخادعون الله ، فان هذه القلوب تعرف الله بانه لا يخادع ، ولا يخدع ، وهو يعلم السر وأخفى. وهي تدرك أن الذي يحاول ان يخدع الله ، لا بد ان تكون نفسه خبيثة ، ومن ثم تشمئز وتحتقر وتستصغر ، كذلك هي نفوس المنافقين ثم يصفهم فيقول :
(وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ) فهم لا يقومون الى الصلاة الا مراءات للناس (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) وموقف الذبذبة والاهتزاز وعدم الاستقرار والثبات موقف لا يثير الا الاحتقار (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) وهل اليد اذا فصلت عن الجسم الا تصبح خشبة يابسة وجيفة تننة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (١٤٤) إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦))
البيان : انها العودة الى نداء الذين آمنوا بالصفة التي تفرقهم وتميزهم ممن حولهم ، والتي بها يتميز الخبيث من الطيب ، والتي بها يستجيبون للنداء ويتقبلون التوجيهات الربانية. نداء لهم بهذه الصفة