أن يحذروا سلوك طريق المنافقين ، ويحذروا الكفار من دون المؤمنين.
(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) ومجرد هذا التلويح بالاستفهام يكفي في خطاب قلوب المؤمنين ، وتأتي طريقة أخرى تقرر المصير المرعب المفزع للمنافقين : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)
فهم باجرامهم ونفاقهم وفسادهم في الارض كانوا يزاولون تهيئة أنفسهم الخبيثة واعدادها لهذا المصير المهين (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) بلا أعوان هناك ولا انصار : (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً).
ثم يشير اليهم ويدعوهم الى الرجوع الى خالقهم ويتوبوا اليهم مهما عظمت اجراماتهم فان خالقهم يقبلهم ويتوب عليهم ان هم أنابوا وأتابوا واخلصوا لخالقهم وأطاعوه كما أمرهم ونهاهم فيقول عزوجل :
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا) .. (فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) ، فالتوبة والاصلاح يتضمنان الفوز والنجاة ، من تلك الحفر السفلى من النار ، فيالها من نعمة كبرى لمن أخذ بها واغتنمها قبل نزول الموت به بغتة ، بذلك تكون نجاة الهالكين ان رجعوا وتابوا وأصلحوا ، أو زيادة للحجة ان هم أصروا على نفاقهم وعاندوا.
(ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً (١٤٧) لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (١٤٩))
البيان : ان الاسلام يحمي سمعة الناس ـ مالم يظلموا ـ فاذا ظلموا لم يستحقوا هذه الحماية ، واذن للمظلوم ان يجهر بكلمة السوء في ظالمه. وكان هو هذا الاستثناء الوحيد من كف الالسنة ، عن كلمة السوء ، وهكذا يوافق الاسلام بين حرصه على العدل الذي لا يطيق معه الظلم ، وحرصه على مكارم الاخلاق التي لا يطيق معها خدشا للحياء النفسي والاجتماعي.