يدعو اليه بذاته. ثم بأهل بيته ، ثم بأسرته وعشيرته صورة واقعية من الاسلام الذي يدعو اليه. ثم يخطو خطوة ثانية ، فيدعو الامة لتسير على ما سار عليه. ثم يخطو خطوة ثالثة في جهاده في سبيل الله لازالة العوائق التي تضلل الناس وتفتنهم.
ثم نقف أمام عظمة العدل الذي يرتب للناس حجة على الله عزوجل ، في ارسال الرسل اليهم مبشرين ومنذرين ثم في احتشاد كتاب الكون المفتوح ، وكتاب النفس ، وامتلاء الفطرة بالاشواق والهواتف الى اتصالها ببائها والاذعان له بالتقدير والتقديس ، والتجاوب والتسليم.
ومع هبة العقل الذي يملك أن يحصى الشواهد ويستنبط النتائج ، وعندئذ يلزمها الاقرار والطاعة والاذعان والتسليم لخالقها الحكيم الخبير الرؤوف الرحيم.
ومن العجب ان يأتي زمان على هذا الانسان يزعم لنفسه انه استغنى عن خالقه العظيم ، أو استغنى عن رعايته وعنايته ، وفضله واحسانه ، أو استغنى عن هدايته ودينه ورسله وهنا يتجلى جهل الانسان وانحطاطه الانساني حينما يجول في فكره وخلده هذه الاوهام الوساوس الشيطانية.
(لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (١٦٦) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٦٩))
البيان : ان هذه الاوصاف وهذه التقريرات مع كونها عامة ، تنطبق أول ما تنطبق على حال اليهود وتصور موقفهم من هذا الدين وأهله ، سواء منهم من عاصروا فجر الدعوة في المدينة ، ومن سبقوهم