وبمقتضى هذا التحليل من الله وبمقتضى اذنه وشرعه ـ لا من أي مصدر آخر لا استمداد من أي أصل آخر ـ صار حلالا لكم ومباحا أن تأكلوا من كل ما يدخل تحت مدلول بهيمة الانعام. (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) والتحريم هنا ينطبق ابتداء على عملية الصيد ذاتها ، فالاحرام للحج او للعمرة تجرد عن أسباب الحياة العادية وأساليبها المألوفة ، وتوجه الى الله في بيته الحرام ، الذي جعله الله مثابة الامان .. ومن ثم ينبغي عنده الكف عن بسط الأكف الى أي حي من الاحياء ، وهي فترة نفسية ضرورية للنفس البشرية تستشعر فيها صلة الاكف الى صلة الحياة بين جميع الاحياء.
فالهدي هو الذي يجب نحره في منى أيام الحج او العمرة ، فينهي بها حجه أو عمرته ، وهي ناقة ، أو بقرة ، أو شاة ، وعدم حلها أن ينحرها لأي غرض آخر غير ما سبقت له.
والقلائد ، وهي الانعام المقلدة التي يقلدها اصحابها يضعون في رقبتها قلادة علام الهدى. (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ، وَالدَّمُ ، وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ، وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ ، وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ، وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ، وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ).
اما (الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) فقد سبق بيان حكمها ، وتعليل هذا الحكم في حدود ما يصل اليه العلم البشري بحكمة التشريع الالهي ، عند استعراض آية سورة البقرة الخاصة بهذه المحرمات.
فقد قرر العلم الالهي ان هذه المطاعم ليست طيبة ، وهذا وحده يكفي فالله لا يحرم الا الخبائث والا ما يؤثر على القوى الروحية ، سواء علم الناس بضررها أم جهلوه ، وهل علم الناس كل ما فيه الضرر.