الوضوء والغسل جسما وروحا. وتقودنا حكمة الوضوء والغسل والتيمم التي كشف النص عنها هنا الى الوحدة التي يحققها الاسلام في الشعائر والشرائع على السواء ، فليس الوضوء والغسل مجرد تنظيف للجسد ليقول بعض متفلسفة هذه الايام ، اننا لسنا في حاجة الى هذه الاجراءات ، كما كان العرب البدائيون ، لاننا نستحم وننظف أعضاءنا بحكم الحضارة.
انما هي أفعال مزدوجة لتوحيد نظافة الجسم وطهارة الروح الحاصل بنية التقرب الى الله تعالى.
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧))
البيان : وكان المخاطبون بهذا القرآن المجيد ، أول مرة يعرفون ـ كما قدمنا ـ قيمة نعمة الله عليهم بهذا الدين إذ كانوا يجدون حقيقتها في كيانهم ، وفي حياتهم وفي مجتمعهم وفي مكانهم من البشرية كلها من حولها ، ومن ثم كانت الاشارة الى هذه النعمة تكفي اذ كانت توجه القلب مباشرة يعرفها النظر الى حقيقة ضخمة قائمة في حياتهم ملموسة.
ثم يكلهم الله تعالى في هذا الى التقوى الى احساس القلب بالله ومراقبته في خطواته.
(وَاتَّقُوا اللهَ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ، ذات الصدور الملازم لها ، وهي كناية عن المشاعر الخفية ، والخواطر الكامنة ، والاسرار الدفينة ، التي لها صفة الملازمة للصدور.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠))