البيان : لقد نهى الله تعالى الذين آمنوا من قبل أن يحملهم الشنآن لمن صدوهم عن المسجد الحرام ، على الاعتداء ، وكانت هذه قمة في ضبط النفس والسماحة ، يرفعهم الله اليها بمنهجه التربوي الرباني القويم ، فهاهم أولاء ينهون أن يحملهم الشنآن على أن يميلوا عن العدل وهي قمة أعلى مرتقى وأصعب على النفس وأشقى. فهي مرحلة وراء عدم الاعتداء والوقوف عنده ، تتجاوزه الى اقامة العدل مع الشعور بالكره (وَاتَّقُوا اللهَ ، إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
ولقد قامت هذه الامة القوامة على البشرية ، مهما يكن فيها من مشقة وجهاد ، وأدت تكاليفها هذه ، يوم استقامت على الاسلام ، ولم تكن هذه في حياتها مجرد وصايا ، ولا مجرد مثل عليا.
ولكنها كانت واقعا من المواقع في حياتها اليومية ، واقعا لم تشهد البشرية مثله من قبل. ولا من بعد. والامثلة وعاء التاريخ في هذا المجال كثيرة مستفيضة ، وكلها تشهد بان هذه الوصايا والفرائض الربانية ، قد احتلت في حياة هذه الامة منهجا في عالم الواقع يؤدي ببساطة ، ويستحيل ان يرى الناس أن هناك طريقا آخر سواه.
وقيمة الدعوة الدينية الى المبادىء التي تدعو اليها ، هو سلطان الدين المستمد من سلطان الله العظيم ، وما أقبح الناس حين يتركونها ويستمدون مبادئهم من أناس مثلهم.
ثم أن قيمة هذه (الوصايا) في الدين انها تتكامل مع (الاجراءات) لتكييف الحياة. فهو لا يلقيها مجردة في الهواء ، وفي ظل هذا النظام ينفذ الدين وصاياه العادلة المستقيمة.
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ .. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)