البيان : لقد كان أهل الكتاب يستكثرون أن يدعوهم الى الاسلام نبي ليس منهم .. نبي من الاميين. الذين كانوا يتعالون عليهم من قبل ويتعالمون. لانهم هم أهل الكتاب وهؤلاء أميون ، فلما أراد الله الكرامة لهؤلاء الاميين ، بعث منهم خاتم النبيين وجعل فيهم الرسالة الاخيرة ، الشاملة للبشر اجمعين ، وعلم هؤلاء الاميين ، فاذا هم أعلم أهل الارض وأرقاهم تصورا واعتقادا وأقومهم منهجا وطريقا وأفضلهم شريعة ونظاما ومجتمعا واخلاقا ، وكان هذا كله من فضل الله عليهم ، ومن أنعامه بهذا الدين وارتضائه لهم وما كان للاميين أن يكونوا أوصياء على هذه البشرية وشهداء على جميع الامم ، لو لا هذه النعمة ، وما كان لهم من زاد يقدمونه للبشرية الا ما يزودهم به هذا الدين الحنيف.
وفي هذا النداء الالهي لأهل الكتاب ، يسجل عليهم أنهم مدعوون الى الاسلام مدعوون للايمان بهذا الرسول ونصره وتأييده ، كما أخذ عليهم ميثاقه ، ويسجل عليهم شهادته سبحانه بان هذا النبي الامي هو رسوله اليهم ـ كما انه رسول الى العرب ـ والى الناس كافة فلا مجال لانكار رسالته من عند الله أولا ، ولا مجال للادعاء بان رسالته مقتصرة على العرب أو ليست موجهة الى أهل الكتاب ثانيا.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ)
فهو رسول الله اليكم ودوره معكم ان يبين لكم ويوضح ويكشف ما تواطأتم على اخفائه من حقائق كتاب الله المنزل على نبيكم ، سواء في ذلك اليهود أو النصارى. وقد أخفى النصارى الاساس الاول لتوحيد الخالق العظيم ، وكذلك فعل اليهود هذا فضلا عما أخفوه من