وسلطانه ، وبين المخلوق الضعيف الفقير الى خالقه (الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما).
وهنا تتجلى نصاعة العقيدة الاسلامية ووضوحها وبساطتها ، وتريد جلاء امام ذلك الركام من الانحرافات والتصورات والاساطير المتلبسة بعقائد فريق من اهل الكتاب وتبرز الخاصية الاولى للعقيدة الاسلامية في تقرير حقيقة الالوهية المقدسة ، الصافية من كل النواقص وحقيقة العبودية ، والفصل التام الحاسم بين الحقيقتين بلا غبش ولا شبهة ولا غموض.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى : نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ).
فزعموا لله سبحانه أبوة على تصور من التصورات ، وأيا كانت هذه الصفة فهي نسبة ضلال وكفر.
واليهود والنصارى بادعائهم انهم أبناء الله وأحباؤه ، وتبعا لهذا فلا يعذبهم بذنوبهم. وهنا يضرب الاسلام ضربته الحاسمة على هذا الفساد في التصور. ويقرر عدل الله على جميع خلقه (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ، بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) فدعواكم هذه باطلة ولا يسندها أدنى دليل. ثم يتتالى النداء الموجه الى أهل الكتاب : (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ).
وبهذه المواجهة الحاسمة لا تعود لأهل الكتاب جميعا حجة من بعد الحجج ، ولا تعود لهم حجة في أنهم لم ينبهوا ولم ينذروا ، فقد جاءهم بشير ونذير (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١)