قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤) قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥) قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦))
البيان : انها حلقة من قصة بني اسرائيل التي فصلها القرآن المجيد ، فأوسع تفصيلها لحكمة متشعبة الجوانب ، من جوانب هذه الحكمة أن بني اسرائيل هم أول من واجه الدعوة الاسلامية ، بالعداء والكيد ، وهم كانوا يبشرون أنفسهم وغيرهم فيها وفي مجيء رسوله النبي الأمن الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويبين لهم ما أخفوه من الحقائق.
ان جبلة اليهود لتبدو هنا على حقيقتها مكشوفة بلا حجاب ولو رقيق من التجميل انهم أمام خطر
(إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) .. (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)
هكذا تصدر منهم الوقاحة الجافة ، هذه نهاية وقاحتهم مع نبيهم المرسل اليهم رحمة ورأفة بهم خلصهم من فرعون الذي كان يذبحهم ويستحى نسائهم ويسترقهم
قال ـ عزوجل ـ (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ).
وهكذا أوقعوا أنفسهم في التيه ، وهم على أبواب الارض المقدسة ، ولم يزالوا في التيه حتى فنوا وماتوا عن آخرهم الى جهنم وبئس المصير وأنشأ الله تعالى من ذريتهم قوما آخرين لم يرتكبوا الجريمة التي ارتكبها الآباء الاشرار من قبل.