يحكم بما أنزل الله ، فهو كافر باعتباره رافضا لالوهية الله تعالى :
وهو ظالم بحمل الناس على شريعة غير شريعة ربهم الصالحة المصلحة لأحوالهم فوق ظلمه لنفسه وانكاره لالوهية خالقه واختصاصه بالحاكمية والتشريع دون سواه.
(وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤٧))
البيان : فقد آتى الله تعالى عيسى بن مريم الانجيل ليكون منهج حياة وشريعة حكم ، ولم يتضمن الانجيل في ذاته تشريعا الا تعديلات طفيفة في شريعة التوراة ، وقد جاء مصدقا لما بين يديه من التوراة ، فاعتمد شريعتها ـ فيما عدا هذه التعديلات الطفيفة ـ وجعل الله فيه هدى ونورا للمتقين وهدى وموعظة ، هم الذين تنفتح قلوبهم لما في هذه الكتب من الهدى والنور.
أما قلوب الفجار الغليظة ، فلا تنتفع من هذا الهدى والنور ، فلا تدرك ذلك الا البصائر المتفتحة ، فالهدى والنور موجود ولكن لا تدركه الا الروح المستشرقة والقلوب الواعية.
وقد جعل الله تعالى في الانجيل هدى ونورا وموعظة للمتقين ، وجعله منهج حياة وشريعة حكم لأهل الانجيل ، أي أنه خاص بهم وليس هو رسالة لعامة البشر شأن التوراة. (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ). فالقاعدة الاساسية هي الحكم بما انزل الله دون سواه.
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) والنص هنا كذلك على عمومه واطلاقه وصفة الفسق تضاف الى صفتي الكفر والظلم ، وليست تعني قوما جددا ولا حالة جديدة وانما هي صفة زائدة