على ما سبق من كفر بالله. وظلم لعباده ونفسه وفسق لفعله وعمله.
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨)
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤٩) أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠))
البيان : يقف الانسان أمام هذه الصناعة في التعبير ، وهذا الحسم في التقرير ، وهذا الاحتياط البالغ لكل ما قد يهجس في الخاطر من مبررات لترك شيء ـ ولو قليلا ـ من هذه الشريعة في بعض الملابسات والظروف .. يقف الانسان امام هذا كله ، فيعجب كيف ساغ له أن يظل يدعي الاسلام بعد هذا الترك الكلي لشريعة الله ، وكيف لا يزال الناس يسمون أنفسهم (مسلمين) وقد خلعوا ربقة الاسلام من رقابهم ، وهم يخلعون شريعة الله كلها. ويرفضون الاقرار له بالالوهية ، حين رفضهم الاقرار بشريعته او حين رفضهم الحكم بما انزل الله (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ). يتمثل الحق كله في نظام الله تعالى وشريعته ، وفي كل ما يقصه من خبر وما يحمله من توجيه.
(فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ).
فالامر موجه ابتداء الى الرسول ص وآله ، فيما كان فيه من أمر أهل الكتاب الذين يجيئون اليه متحاكمين. ولكنه ليس خاصا به. بل هو عام لكل انسان في كل زمان ومكان.