لقد كمل هذا الدين ـ بولاية سيد الوصيين علي بن ابي طالب (ع) وتمت به النعمة من الله تعالى على المسلمين. ورضيه الله لهم منهج حياة للناس أجمعين. ولم يعد هناك من سبيل لتعديل شيء فيه أو تبديل. ولا لترك شيء من حكمه الى شيء آخر ، ولا شيء من شريعته الى شريعة اخرى. وقد علم الله حين رضيه للناس كافة انه يسع جميع الناس وصالح لجميع الاجيال الى يوم القيامة لان الله هو الذي يخلق الاجيال ويعرف طبائعها
(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
ان معنى الجاهلية يدور مدار عقيدة ونظام تخالف ما أنزل الله تعالى وأمر.
والناس ـ في أي زمان ومكان ـ اما أن يحكموا بما أنزل الله تعالى وأمر فهم المؤمنون المسلمون. واما أن يحكموا بغير ما أنزل الله تعالى وأمر فهم الكافرون الظالمون الفاسقون اهل الجاهلية. وهذا هو مفرق الطريق ، بين الايمان والكفر. وبين العدل والظلم ، وبين التقوى والفسق
(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً) هنا يحسن الاستنكار والتعجب من اناس يدعون الايمان بالله الذي هو خبير بحقائق الاشياء لا تخفى عليه خافية وخلق هذا الانسان ، وهو أدرى وأعرف بما يصلحه وما يسعده في الدنيا والآخرة ، ثم ان الناس الذين يدعون الايمان بهذا المعنى ثم ينبذون ما اختاره لهم لاصلاح دينهم ودنياهم وآخرتهم والعجب يجتمع في هذا العمل مع الايمان. ما الذي يستطيع أن يقوله من ينحي شريعة الله عن حكم الحياة ويستبدل بها شريعة الجاهلية التي لفقها الجاهلون وفق أهوائهم ولو أنها دمرتهم ودمرت العالم باجمعه معهم.