واما أن يتيه في دروب الجاهلية والوثنية التي تلقاه في درب مظلمة فيتهاوى في حفر المتاهات المهلكة ، وحينئذ يعاني البلاء من عبودية شتى الارباب والالهة الزائفة.
ولقد جاء الاسلام بالتوحيد ليوحد السلطة التي تدين العباد وتحررهم من عبودية المخلوقات ، وجاء ليحرر الضمير الحي من أوهام الوثنية ، وليرد للعقل البشري كرامته ويطلقه من ربقة الالهة وطقوسها ، ومن ثم فقد حارب الوثنية في كل صورها وأشكالها. سواء في أعماق الضمير أم في شعائر العبادة أم في اوضاع الحياة ، وشرائع الحكم والنظام.
البحيرة من الابل يمنع درها للطواغيت (أي يحجز لبنها ويخصص لكهنة الالهة) والسائبة من الابل كانوا يسيبونها لطواغيتهم ، والوصيلة كانت الناقة تبكر بالانثى ثم تثنى بالانثى فيسمونها الوصيلة. (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ).
وهؤلاء كانوا اذا قيل لهم تعالوا الى ما أنزل الله قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ، فاتبعوا ما شرعه العبيد ، وتركوا ما شرعه رب العبيد ورفضوا نداء التحرر من عبودية العبيد للعباد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥))
البيان : ان هذه الآية الواحدة تقرر مبادىء اساسية في طبيعة الامة المسلمة وفي طبيعة علاقاتها بالامم الاخرى.
ان الامة المسلمة هي حزب الله ومن عداها من الامم فهم حزب الشيطان ، ومن ثم لا يقوم بينها وبين الامم الاخرى ولاء ، ولا تضامن ، لعدم وجود علاقة بينهما في عقيدة او مبدأ.