وعصوا أبشع المعصية ، وكان لهم في كل ميدان من هذه الميادين أفاعيل ليست مثلها أفاعيل.
ومع هذا كله فقد كانت لهم دعاوي عريضة عجيبة ، كانوا دائما يدعون أنهم هم وحدهم المهتدون ، وهم وحدهم شعب الله المختار ، وهم وحدهم الذين ينالهم ثواب الله ، وان فضل الله لهم وحدهم دون سواهم.
ويأتي تكذيب القرآن المجيد لدعوتهم العريضة ، ويقرر قاعدة من قواعده الكلية ، التي تتخلل القصص القرآني ، أو تسبقه أو تتلوه.
يقرر قاعدة وحدة الايمان ، ووحدة العقيدة ، متى انتهت الى الاسلام النفسي لله عزوجل ، والايمان به ايمانا ينبثق منه العمل الصالح. وان فضل الله ليس محجورا على عصبية خاصة ، انما هو للمؤمنين أجمعين ، في كل زمان ومكان ، كل بحسب مرتبة ايمانه وخاصة نيته ومزيد عمله ، حتى تجيء الرسالة التالية بالدين الخاتم للرسالات السماوية.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢))
والذين آمنوا يعني المسلمين ، والذين هادوا هم اليهود ـ اما بمعنى عادوا الى الله تعالى والآية تقرر أن من آمن بالله واليوم اخر ـ عن طريق نبيه المفروض تصديقه ـ وعمل صالحا ، فان لهم أجرهم عند ربهم. فالعبرة بحقيقة الاطاعة لله والتصديق بنبيه ص وآله سواء كان قبل البعثة بالنسبة للانبياء السابقين. أو كان بعد البعثة بالنسبة لمحمد ص وآله.
ثم يمضي السياق فيستعرض مواقف بني اسرائيل في مواجهة يهود المدينة فيقول عزوجل :