(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤))
وتفصيل هذا الميثاق وارد في سور أخرى ، وبعضه يرد في هذه السورة فيما بعد. والمهم هنا هو استحضار المشهد والتناسق النفسي والتعبيري ، بين قوة دفع الصخرة فوق رؤوسهم وقوة أخذ العهد ، وأمرهم أن يأخذوا ما فيه بقوة ، وأن يعزموا فيه عزيمة ، فأمر العقيدة لا رخاوة فيه ولا تميع. ولا يقبل انصاف الحلول ولا الهزل ولا الرخاوة. انه عهد الله مع المؤمنين. وهو جد وحق ، فلا سبيل فيه لغير الجد والحق .. وله تكاليف شاقة ، نعم ولكن هذه هي طبيعته ، انه أمر عظيم ، أعظم من كل ما في هذا الوجود ، فلا بد ان تقبل عليه النفس اقبال الجاد القاصد العارف بتكاليفه ، المتجمع الهم والعزيمة ، المصمم على هذه التكاليف.
ولا بد أن يدرك صاحب هذا الامر انه انما يودع حياة الدعة والرخاء والرخاوة. كما قال رسول الله ص وآله : وقد نودي للتكاليف (مضى عهد النوم يا خديجه) ـ وكما قال له ربه : (قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) ـ (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ..)
ولا بد من أخذ العهد بقوة وجد واستجماع نفس وتصميم ، ولا بد مع هذا من ذكر ما فيه واستشعار حقيقته ، والتكليف بهذه الحقيقة ، كي لا يكون الامر كله مجرد حماسة وحمية ، وقوة ، فعهد الله منهج حياة ، منهج يستقر في القلب ، ويستقر في الحياة ، ويستقر في السلوك وينتهي الى التقوى والقوى الحساسية برقابة الله عزوجل وخشية المصير.
ولكن هيهات لقد أدركت بنو اسرائيل تحيزتها ، وغلبت عليها