العقيدة الصحيحة حين يقطعون فيما بينهم وبين حقيقة دينهم ، فلا يبقى لهم منه الا اسمه وشكله دون موضوعه وحقيقته. ويظنون أن هذا يكفيهم للنجاة من العذاب بحكم ما يظهرون بألسنتهم وان كانت أعمالهم وعقيدتهم خلاف ذلك ، فلذا ترى ان الله عزوجل يقول لهم : (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) ... (أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
وهذا هو الواقع ، فالاستفهام هنا للتقرير ، ولكنه بصورة الاستفهام أو الانكاري.
(بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢))
هنا يأتيهم الجواب القاطع والقول الفصل في تلك الدعوى ان الجزاء من جنس العمل ان الذي يجترح الخطيئة انما يجترحها عادة وهو ملتذ بها. ولما تجر عليه من كسب مادي ولو انها كانت كريهة في حسه ما اجترحها ، ولو كان يحس انها خسارة ما أقدم عليها متحمسا ، وتركها تملأ عليه نفسه وتحيط به لانه خليق وحينئذ يهرب من ظلها.
ومن مقتضيات الايمان ان ينبثق من القلب في صورة العمل الصالح. وهذا ما يجب أن يدركه من يدعون الايمان. وما أحوج المسلمين أن يستيقنوا هذه الحقيقة.
ان الايمان لا يكون واقعيا حتى ينبثق منه العمل الصالح. اما الذين يدعون الاسلام ثم يفسدون في الارض ويحاربون الصلاح في حقيقته ويحكمون بغير ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون حقا وان صلوا وصاموا ، فهؤلاء ليسوا من الايمان على شيء الا الاسم.
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)