البيان : وهذه دعوة الى التأمل في مصائر الغابرين. وهم ناس مثل هذه الناس. تخبر عنهم آثارهم وكيف دمرهم خالقهم لما استكبروا وبغوا في الارض. فسنة الله في الجميع على حد سواء.
وهي دعوة الى ادراك حقيقة هذه الحياة. وروابطها على مدار القرون. كي لا ينعزل جيل من الناس بنفسه.
فهؤلاء أقوام قد عاشوا قبل جيل المشركين في مكة (كانوا أشد من هؤلاء قوة) (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) فلم تتفتح بصائرهم لهذه البينات. ولم يؤمنوا فتتصل ضمائرهم بالنور الذي انزل اليهم من خالقهم مع رسله. فمضت فيهم سنة الخالق القدير. وأهلكت المكذبين. ولم ينفعهم قوتهم. ولم يغن عنهم علمهم ولا حضارتهم (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) كانت عاقبتهم السوء.
(اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠))
البيان : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) وهي حقيقة بسيطة واضحة. فالاعادة كالبدء لا غرابة فيها. (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ...) فها هي ذي الساعة التي يغفل عنها الغافلون. ويكذب بها المكذبون. هاهي ذي تجيء. وهؤلاء المجرمون حائرون لا أمل لهم في نجاة. ولا رجاء لهم في خلاص. ولا شفاعة لهم من شركائهم الذين اتخذوهم في الدنيا. ضالين مخدوعين وبشركائهم يكفرون الذين عبدوهم. (فَأَمَّا