الاثقال والقيود. والاغلال التي تشد النفس البشرية الى هذه الارض. وتثقلها عن الانطلاق. وبخاصة ارهاق الرزق والحرص. ومن ثم يجيء الهتاف قويا بقوله تعالى (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) من هذه الاثقال والقيود. وليكن الفرار الى الله تعالى وحده منزها عن كل شريك له في ذلك وتذكير الناس بانقطاع الحجة وسقوط العذر. (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ).
(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) فهي جبلة واحدة. وطبيعة واحدة للمكذبين. وهو استقبال واحد للحق وللرسل. يستقبلهم به المترفون. كما يقول هؤلاء المشركون. كأنما تواصوا بهذا الاستقبال على مدار القرون. وما تواصوا به.
(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وان هذا النص الصغير ليحتوي حقيقة ضخمة هائلة. من أضخم الحقائق الكونية التي لا تستقيم حياة البشر في الارض بدون ادراكها واستدامتها. سواء كانت حياة فرد. أم حياة جماعة. أم حياة الاحياء كلها. في جميع أدوارها وأعصارها.
وانه ليفتح جوانب وزوايا متعددة من المعاني والمرامي تندرج كلها تحت هذه الحقيقة الانسانية كلها. في جميع أدوارها التي تعد حجر الاساس الذي تقوم عليه الحياة.
وأول جانب من جوانب هذه الحقيقة ان هنالك غاية معينة لوجود الجن والانس وهي غاية تكامله الانساني وارتفاعه في مدارج المعالي الروحي الذي يستحيل حصوله الا من جهة عبادته واطاعته لخالقه. فهي غذاؤه الروحي وجناحه التكاملي الذي به يستطيع أن يرتفع عن مصّاف