(وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) لا تسمع ولا تبصر. ولا تنفع ولا تضر فأين عقولكم ومدارككم. ثم يكشف لهم عن منتهى امرهم وما سيجري بينهم وما ستكون عاقبة امرهم بعد قليل وقليل : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) فيا لها من عاقبة. ويا لها من صحبة وصداقة تنتهي بالتبرىء واللعن. يوم يتنكر التابعون من المتبوعين ويتبرأ الاولياء من اوليائهم. ويلعن كل غوي صاحبه الذي قد غواه. وزين له ارتكاب الفواحش والجرائم حتى استحق الخلود في النار (مَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) فيا ليت هذه النار التي سيخلدون فيها قريبة الشبه. بالنار التي ارادوا ان يحرقوا نبيهم وناصحهم (ابراهيم (ع)) بها واي شبه بين النارين. وقد انتهت جولة ابراهيم الخليل (ع) مع قومه وما بذله من الجهود الجبارة. وما أراهم خالقهم بنجاة ابراهيم وصيرورة النار عليه بردا وسلاما. فبعد هذا كله لم يؤمن به ويتبعه في دينه الا فرد واحد هو ابن اخيه لوط (ع) وباقي القوم باجمعهم اتبعوا قادتهم المتجبرين الظالمين لهم.
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠))
البيان : ونقف امام قول لوط (ع) : (إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) لنرى فيم هاجر. انه لم يهاجر للنجاة والفرار. ولا لتجارة وكسب اموال. انما هاجر لربه. متقربا اليه ليخلص له في عبادته. ويخلص له في قلبه وسريرته. ليخلص له في ايمانه وعقيدته. بعيدا عن وطنه وعشيرته. مستنكرا على أهل زمانه الذين اختاروا عبادة الاحجار على عبادة الرحمان