رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩))
البيان : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ) فهي شجرة واحدة باسقة. متشابكة الفروع. فيها النبوة والكتاب ممتدة من فجر البشرية منذ نوح (ع) حتى اذا انتهت الى ابراهيم (ع) تفرعت وامتدت :
(ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا. وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) أي من ذرية نوح وابراهيم. ويظهر من النص ان هذه الرهبانية التي عرفها تاريخ المسيحية. كانت اختيارا من بعض اتباع عيسى (ع) ابتدعوها من عند أنفسهم ـ ابتدعوها يقصدون بها التقرب الى الله. وهي تبعدهم عن الله.
(فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) والله لا يأخذ الناس بالمظاهر والاشكال. انما يأخذهم بالعمل والنوايا. ويحاسبهم على ما أمرهم به ونهاهم عنه. وهو الذي يعلم خبايا القلوب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) فيه لمسة خاصة لقلوبهم. واستجاشة للصلة التي تربطهم بربهم الذي يناديهم هذا النداء الكريم. وباسم هذه الصلة يدعوهم الى تقوى الله والايمان برسوله. (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) أي يعطيهم نصيبين من رحمته. وهو تعبير عجيب ...
(وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) وهي هبة الدنيا يودعها الله القلوب التي تستشعر تقواه وتؤمن حق الايمان برسوله. هبة تنير تلك القلوب فتشرق. وترى الحقيقة من وراء الحجب والحواجز. فلا تتخبط. ولا تلتوي بها الطريق.
(وَيَغْفِرْ لَكُمْ. وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فالانسان انسان مهما وهب